ليلةَ ناجيتُ القمر - وجدي ابراهيم - ارشيف موقع جولاني
الجولان موقع جولاني الإلكتروني


ليلةَ ناجيتُ القمر
وجدي ابراهيم - 07\04\2013

أُسامة...
أنا أرى.. أنا أرى
وأنتَ!
هل ترى تلك الغيمةُ القادمة من الشرق؟!
أُنظر.. أُنظر أخالُها لا تحمل
في جُعبتها حبّات المطر
أُسامة:
أنا أعرفُ تلكَ الغيمة جيّداً
وهيَ كذلكَ "تعرفُني"!!
إلتقينا قبلَ مائة عام
بمثل هذا الليل
في عصرٍ جميل
وقتها كان للحب معنى وعطر
وقتها كان الغرامُ بريئاً
عفيفاً... نزيهاً
فاحَ منهُ الشذى
وقتها كانت المناجاة
بين حبيبين
بضع كلمات ملأتِ السطر
أتعلم....؟
أتعلم أنكَ ذات يوم
كنتَ حلمي البريء
حلم عانقتهُ كلَ صباح
قبّلتهُ... شممتهُ...
أهديتهُ شرايينَ فؤادي
عندهــا...
عندها جعلتُ اسمُكَ محفوراً عليــها
وقــد صنعتُ منها
أعذبَ لحنٍ دُقَّ على وتر
بُنـــي.. يقولُ هؤلاء:
من بعــد الشدّةِ يأتـــي "الفرج "
يمر العمر.. ويشيب الشعر
ولا يصـــلُ ذلك "المغترب "
فتتلاشى ... تتساقط أحلامـــي
تساقُطَ أوراق الشجر
في ليلة خريف
حلم وراء حلم.. ورقة وراء ورقة
حتـــّى تغدوَ الشجرة عاريـــة
لا يسكنــــها طيـــر
ولا ينعـــمُ بفيّهــا بشر
ذات يوم...
ذات يوم استيقظتُ مُحدّثـــاً نفسي:
لقد خسرتُ كُلّ شيء
ذات يوم..
لم تقوَ رجلايَ على حملي
مرّت الأيــــــام ..
مرّت الأيام وأيقنتُ
أنّني خسرتُ الشيء وربحتُ الكُل
الكل خالقـــي والشيء أُنس
أحاسيسهم سواسية والحجر !!
أنتَ .. وحدكَ أنتَ
من كانَ عزائي بما أنا فيـــه
وقــــد قلتُ مراراً
أنّهُ في الأعلى تكمن العدالة
والـذينَ في الأسفل
ما هم..إلّا ثقــلٌ على البسيطة
فيهم من النفاق
مِلْؤُ الأرض ذر
ساعات طوال وسنون اطول
أمضيتُها بالإنتظار... هه !!
دونَ جدوى ...
كنتُ كذلكَ المسـافر
في محطة القطـــار .. لا يحملُ تذكره
ولا بجيبهِ ... ربع دينار
فكيفَ لهُ ...
كيف لهُ الصعودَ والسفر ؟!
تلك السنونُ .. كانت من أجلكَ
من أجلكَ أنتَ .. أيُّها الملك
لا تقلق .. لا عليـــكَ
لقد كنتُ مسروراً؛ سرورَ أُمّ
رُغمَ ألم الولاده .. بمولودهـــا المُنتظر
قد كنتَ .. يـــــــا أُسامة ...
البذرة التي زرعتُهـــا
بعيــــداً عن أعيُن الطيـــور
حميتُهــــا ... رويتُـــــها
قصدتُ الأنبياء من أجلهــا
أنرتُ لهــا الشمـــوع
سجدتُ وتضرّعتُ ... بكيتُ وتمنّيـتُ
" علّــهُ " يســمعُ دُعائـــي
في ساعات الفجر
أتدري...
أتدري.. رُغمَ أنّكَ بجانبي
ينتابُني شعور الخوف
لأنَّني أدري أنَّ ساعاتنا تمُرُّ
وكُــلّي حرصٌ ...
أن أُملِأ عينايَ منكَ
ولن أشبع .. لن أشبع النظر
أنـــا أنتظرُ .. أنتظرُ مِنذُ زمن
وقــد مَلَّ الإنتظارُ مني
فَمـــــا عـــادت الأيـــام كمــا كانت
ولا الأحلام كمــا رُسِمَت
ولِمَ الحلـــمُ ...... بربّكَ ؟1
وأنتَ لستَ موجوداً
ولِمَ الإنتظارُ ... ولِمَ الوقوفُ فوقَ الجمر
فكُلّـــها ساعات وينتهي العرض
لتعـود إليَّ بعد سنة ...
بعيد ميلادي
وأعـودُ "أنـــا" للإنتظار من جديد
أُراقِبُ عقارب الساعة وتبدُّل الفصـــول
كلَّـــها ساعات ... وتُســـدَلُ الستاره ؛
عن أعظم مشهد وأمرُّ هجر
معكَ ...
معكَ خطوتُ وخَطَّيتُ أجمل العبارات
في خُلقِكَ رأيتُ جمالَ الكون
مُلهمـــي كنتَ ... وستبقى
بفضلِكَ كتبتُ لهم القصائـــد
معكَ البدايـة... وبِكَ النهايـــة
وخالقـي...
لأجعلنَّكَ آخرَ قصيدة شعر
أُسامـة... أردتُ أن أقــــول لكَ:
زمـان...
زمان كانتِ السعادةُ بقُربي
لأنَّكَ كنتَ بقُربي
مع أنّكَ طيفٌ
كنتُ أراكَ دونَ الناس كُلّها
أتنِسُ بمَبسمِكَ وألتمِسُ الأمـانَ بحضورِكَ
وحــدي أنا من يـراكَ
أعنــي .. من يُمكِنُهُ أن يراكَ
في عرينَ قلبي لكَ أثر
بالأمسِ ...
بالأمسِ زارَ غُرفتي المظلمة
ثلاثة ملائكه
أناروهـا .. كمــا أناروا قلبي
وقـد نبأوني بموعـد قدومِـكَ
وبساعة رحيلكَ
فلا يُخالِجَنَّكَ الشك
أنّكَ اسمٌ مُصان
في إهرامات مصر
أُسامة ...
ها هي غيمتُكَ قد وصلت ...... بُنَــي
عليكَ أن تمتطيهـــا
سافر بها.. ولا تنظُر للوراء
فأنـا أُوَدّعُكَ بقبلة اللقـاء
وكلمة أخيرة:
بُنَــي.. صدّقني أنتَ قمـــري
وقــد كُنتَ ليلتي .. أجملَ ليلةٍ
ليلةَ ناجيتُ القمر .